January 16, 2012 Yasser Ahmad 0Comment

في روايته الجديدة يبحث عن مفاهيم الانتماء والحرية

“ياسر أحمد يرصد هموم جيله فى رواية “عكس الاتجاه

:القاهرة –  عبد الفتح الزغبي
“عكس الاتجاه” رواية صدرت حديثاً للكاتب ياسر أحمد, بعد رحلة من التدوين والنشر الالكتروني, رصد من خلالها الأحلام الضائعة لجيل الشباب, الذي ولد وتربى في عهد النظام الذي أسقطته ثورة 25 يناير, بعد أن كان هذا النظام السبب في التشتت الفكري والثقافي والاجتماعي والسياسي, وحتى الاقتصادي, وكذلك في المفاهيم المغلوطة التي تكونت لدى شباب هذا الجيل, وجعلتهم يغرقون في دوامة من البطالة والجهاد من أجل الزواج, حول الرواية وما تناقشه من قضايا, يدور تحقيق “السياسة” التالي:

  رواية “عكس الاتجاه” تتناول منطقة وسط البلد “بالقاهرة” ثقافيًا واجتماعيًا وسياسيًا, لماذا لم تتخذ عنوانًا يدل على ذلك?
لم أرد أن أحصر عنوان الرواية في وحدة مكانية, فأنا أرى أن وسط المدينة لا يعبر عن نفسه فقط, على أساس أنه يمثل موقع الأحداث المؤثرة في الوطن ككل. ومنطقة “وسط البلد” في حد ذاتها لم تكن الغاية, لكنها الأكثر تعبيرًا عن المشهد الثقافي والسياسي للجيل الحالي. أما “عكس الاتجاه” فهو عنوان يعبر عن السياق, وعن اتجاهات الشخصيات التي تجسد مشكلات جيلنا. وأعتقد أن من يقرأ الرواية سيصله هذا المعنى فالشخصيات الرئيسية كانت تبحث عن اجابات لتساؤلات جيل الشباب في مصر, وعن مفاهيم الانتماء, والحرية, والزواج, والهجرة, وغيرها, وكان وسط البلد يمثل الاطار العام الذي لم يكن فقط يعبر عن المشهد السياسي والثقافي, بل يربط تاريخ المدينة الحضاري الحديث, بما وصلنا اليه من تدهور في العقود الأخيرة.

  لكن الرواية بالفعل رصدت ما مرت به منطقة “وسط البلد” من تغيرات?
هذا بالفعل ما حدث لكن باعتبارها جزءًا من وطن تغيرت فيه المفاهيم بشكل عام, كما أن “وسط البلد” ليس حالة منفصلة, وانما هو جزء مما حدث في التركيبة الاقتصادية والاجتماعية للقاهرة والوطن بشكل عام.

  وما الذي جذبك اليه عن غيره من المناطق?
لأنه ببساطة يحتوي على مقرات الأحزاب السياسية, ومقرات المؤسسات الدولية المختلفة, وبه مقاهي المثقفين والصحافيين والنشطاء من مختلف التيارات, بشكل يفوق أي مكان آخر في مصر لذلك فان اختيار وسط البلد كان بالأساس بداية الطريق في رحلة البحث عن الوطن, والتي تقوم بها شخصيات الرواية الأساسية. والرواية لم تكن تبحث عن تفسيرات للتشابك الموجود في أحداث وسط البلد, وشخوصها, وانما تمثل تساؤلات تحاول الكشف عن الجانب الحقيقي لهذا المجتمع وأحداثه الثقافية والسياسية.

  لماذا أهديت الرواية لأبناء جيلك دون غيرهم?
لأنني مهموم بالكتابة عن مشكلاتهم, وما يحملونه من طموحات وهموم على حد سواء لذلك كتبت لهم اهداء الرواية بعد الانتهاء منها كاملة, وأرى أن هذا الاهداء يمثل في حد ذاته الخط العام الذي يشكل سياق الرواية, التي كانت بالنسبة لي الأمل في ايجاد عمل أدبي يمس الجيل الذي أنتمي اليه, وسأواصل هذا الأمل في كتابتي المستقبلية محاولاً تقديم أدب واقعي, يعبر عن جيل لم يكتب عنه بالشكل الكافي, خاصة في الأعمال الروائية.

حالة رصد

  من يقرأ الرواية يشعر وكأنها انتقاد للتيارات السياسية والفكرية والاجتماعية, وللتوجهات الاقتصادية, وانها خالية من أي نظرة أو رؤية ايجابية لتلك النواحي, لماذا?
لأن الجيل الحالي لا يعاني الا المشكلات التي خلفتها عصور الاستبداد السياسي, وما صاحبها من مفاهيم وآثار اجتماعية وتغيرات اقتصادية فانتشرت البطالة وغاب المثقفون عن المشهد, وتعالت النخبة, كما أن الرواية بشكل عام لا يمكن تصنيفها بالايجابية أو السلبية لأنها تمثل حالة من البحث في واقع المشكلات القائمة. وقد حاولت أن أعبر عن حالتنا الحقيقة, لا أن أخلق صورة خيالية فقط أو أن أطرح حلولا لما نعانيه, الرواية بصفة عامة هي حالة من الرصد تميل الى الواقعية, والى التفكير في مشكلاتنا بصورة أكثر وضوحًا.

  هل تحمل الرواية أبعاداً فلسفية?
أعتقد أن الرواية التي تحاول رصد واقع ما, هي بالضرورة تحتوي بعدًا فلسفيًا يفرض نفسه طيلة الوقت. الراوي كان دائم الحوار مع ذاته, وأعتقد أن هذا قد أضفى بعدًا نفسيًا وفلسفيًا على الرواية.

  رغم أن شخصيات العمل محدودة الا أن كلاً منها يرمز لشيء ما.. لماذا?
بطبعي أميل لتقديم الشخصيات بصورة مختلفة, وحاولت ألا أكتفي بعرضها فقط دراميًا ضمن سياق الأحداث, وهو ما جعلني أبحث في تركيبتها, وكان هذا التحدي الأكبر بالنسبة لي, فخلال الكتابة كانت الشخصيات التي صنعتها تتحاور في رأسي طيلة الوقت, وتعبر عن نفسها من دون أن أدري. وفي كثير من الأحيان كانت هي التي تصنع أحداث الرواية كما حدث مع فريدة شمس الدين, وحاتم, وجهينة, وشهدي التهامي. أعتقد أن الشخصيات كانت بالنسبة لي مفاتيح لقضايا مختلفة, وهذا ما جعلها أكثر عمقًا.

  وكيف ترى الحال الآن بعد اقتراب الثورة من عامها الأول?
الثورة في حد ذاتها ليست حدثًا وقع وانتهى, وانما هي بداية, وأعتقد أنه لا يزال أمامنا الكثير حتى تتشكل الحالة المصاحبة لها. فالحرية مثلاً ليست في قانون أو دستور أو بتغيير نظام حكم, بل هي أكبر بكثير, وتحتاج الى تنوير وفكر يحميها, وهي أيضًا فعل مستمر. أما عن رأيي الشخصي في الثورة بعد مرور عام على اشتعالها فمن الأفضل أن أقدمه في روايتي الجديدة التي شرعت في كتابتها, وأنا على قناعة تامة بأن ما يتشكل من أحداث الآن يحتاج الى أعمال أدبية أكثر مما كانت تحتاجه تفاصيل الأيام الأولى من الثورة.

هموم الجيل

  ألم تخش من أن تكون مناقشة هذا الكم من المشكلات السياسة والاجتماعية والاقتصادية والثقافية مُربكة للقارئ?
كل هذه المشكلات ما هي الا جزء من هموم الجيل الحالي, ولا يمكن أن تنفصل عنه. فلدى هذا الجيل الرغبة في التعبير عن رأيه بحرية, والتي كانت دومًا تصطدم بالنظام السياسي السابق, الذي أغرقنا في مشكلات محبطة مثل البطالة والزواج, وكلها تشكل أزمة جيل كامل في البحث عن الوطن, وعن الذات.

  الى أي مدى تعتبر تناول هذا الكم من المشكلات في أحداث روايتك الأولى يمثل تحديًا للكاتب الشاب?
الرواية تمنح الكاتب اكبر مساحة ممكنة للتعبير, كما تعطيه أفقا أكبر وجمهورا أكثر, وأنا لم أكن أبحث عن بداية سريعة بل كنت أبحث عن تحد أكثر فاعلية, أقدم نفسي من خلاله, ولقد حاولت ألا أظهر للقراء الا بعمل جيد ومتميز, يضيف لي شيئًا جديدًا وقد استغرقت قرابة العامين والنصف لأخرج هذا العمل الى النور, وخضت هذا التحدي بصبر وأتمنى أن أكون قد وفقت في التعبير عن واقع الجيل الذي أنتمي اليه.

المقال منشور فى السياسية الكويتية عدد 16 يناير 2012

http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/173617/reftab/76/Default.aspx