February 4, 2018 Yasser Ahmad 0Comment

في أحد الشتويات التي ضربت المدينة، قررت بأن على أن أكون كاتبا. عصف الأحساس بدون مقدمات كلحظة ضربت فيها الريح النافذة ودخل الشتاء للغرفة الصغيرة مبعثرا ما كان ساكنا.

لم يجتاحني سبب ولم تراودني لحظة حلم ولم أكن أشعر بشئ سوى هاتف يدق على الباب وينبئني بأن على أن أكون كاتبا. ساعتها لم أفهم الحكمة من الأمر ولكني أستجبت، لقد قررت أن أكون كاتبا، هكذا ودون أسباب. هذه هو الصندوق المغلق وعلى أن أفتحه، ليس لأنه ينبئ بشئ داخله، ولكن إيمانا مني بأن كل صندوق مغلق وجد لكي نفتحه.

في الحيز الضيق يقف شبحي ولا يفصلنا سوى عنادا لم نكتشفه بعد. قبل عشر أعوام قررت أن أكون الشبح ويتحول هو إلى مكاني في العالم. عليه أن يرتدي معطفي ويذهب إلى العمل ويرد على الهاتف بينما سأذهب أنا إلى عالمه ولن أعود.

في الأسفل هناك سماء وفي الأعلى تظللني أمواج البحر الأزرق، أهرول خلف ما تحويه الأشياء من معاني وأغير الألوان والمواسم حسب ما يقتضيه السياق والحلم. القلق الأبدي أسجنه في الغيوم وأخرج منه دون أن يتبعني أحد إلى محطات خاوية لا يزورها أحد سوى ورق الخريف. يسير الشبح متناقلا بين الحكايات، يشاهد ويسمع ويهرول دون أن يتحرك من ركنه، يحرك المعنى من حالة إلى حالة ويخلع الحقائق من أماكنها لتصبح مراكب تبحر حرة في أفق لا يستكين. يسكن الشبح خلف العالم ويملى السطور كما يريد أن تكون ويظل ليروى حتى أخر حرف.

ما بين العالمين عشر أعوام وما بين الشبح الذي صرته وأنا الذي صار شبحي لم يعد هناك أرض تجمعهما. ما قبل الكتابة وما بعدها كان الفرق في الصندوق. صندوق من أقترب منه خرج ولم يعد وسكنته معاني لا يمكن أن تسقط.